كتب- آلاء عبد
الحميد وهدير علي:
كانت الآثار هوسه
الدائم، ولما أطلق مقولته الشهيرة "إنما الأمم الآثار ما بقيت، فإن هم ذهبت
آثارهم ذهبوا"، ظلت وحدها هي ما يشغل عقله، ولم يتردد ثانية في أن يدافع عنها
ويحميها، تحلو له الدنيا عندما يسترد حقوقها، ويُدافع عن قطعها الثمينة، رثاه
زملاؤه وتلاميذه وأحباؤه بكلماتٍ لم تفِ حقه ولم تعطِ له قيمته في اعتقادهم، فهو
لم يغيب عن أذهانهم، وترك أثره في نفوسهم جميعاً، وأجمعوا على تلقيبه "بشيخ
الآثريين "أو "راهب الآثار".
علي رضوان، عالم
المصريات الذي تقلد العديد من المناصب، من بينها عميد كلية الآثار جامعة القاهرة
سابقاً، ورئيس اتحاد الآثريين العرب، حتى رحيله، إلى جانب عضوية العديد من
المؤسسات والهيئات، منها شعبة التراث الحضاري والأثري بالمجالس القومية المتخصصة،
ومجلس إدارة المتحف المصري سابقاً، وعضوية المؤتمر العالمي لآثار ما قبل التاريخ،
والمؤتمر العالمي لعلم المصريات.
في حياته حصل على
جائزة الدولة التشجيعية فى الآثار عام ١٩٨٣، وبعد وفاته، وتحديدا في فبراير ٢٠٢٠
عن عمرٍ ناهز ٧٨ عاماً، أطلقت وزارة السياحة والآثار اسمه على مدرسة "التل
الكبير" بمدينة الإسماعيلية.
رثاه الكاتب
الصحفي إيهاب الحضري، في مقال بجريدة أخبار الأدب بعنوان "الخروج إلى النهار
الأبدي"، فهو يرى أن "رضوان" سيظل حاضراً رغم غيابه، كل ما في
الأمر علي حد قوله، إنه انتقل من ضبابية عالمنا إلي النهار الأبدي، وقد أخذ يُعدد
لنا أبرز المواقف التي يتذكرها للراحل، والتي كان فيها بطلاً مغواراً لا يعبأ فيها
ولا يغار إلا على آثارنا، منها إنه ساهم في استصدار أحكام من القضاء الإداري
والمحكمة الإدارية العليا، ببطلان سفر مقتنياتنا الأثرية بالخارج، من بينها حكمان
يخصان معرضين في أمريكا واليابان، أيضاً انتفض ضد تفتيت متحف الفن الإسلامي،
وتشريد مقتنيات المبني الآثري للمتحف لصالح تطوير دار الكتب التي تحتل الطابق
العلوي من المبنى.
ولطلابه أيضاً
مواقفهم معه التي يتذكرونها له، فيقول حسن عبد الرازق، كبير مفتشي الآثار بمنطقة
آثار الهرم سابقا وباحث دكتوراه بالآثار المصرية، كان لي الشرف أن يُدرس لي دكتور
علي عامي ١٩٩٥و ١٩٩٦ أثناء دراستي بالسنتين الأولى والثانية بكلية الآثار جامعة
القاهرة، هو الوحيد الذي كنت أحرص على حضور جميع محاضراته لما لمسته من المحاضرة
الأولى من إعجاب بأسلوبه، وكيف إنه يشرح العمل الفني كتمثال أو نقش مصري قديم كما
لو كان جراحاً ماهر، فكان دائماً ما يحث تلاميذه على الفهم وليس الحفظ، ومحاولة
ربط التاريخ المصري القديم.
وعقب بأن أقل
تقدير له من وجهة نظره، هو عمل جائزة سنوية تحمل اسمه مع عيد الآثريين في 14 يناير
من كل عام، والذي تحتفل به وزارة الآثار، ويتم منحها لصاحب أفضل بحث أو مقالة
أجنبية عن تاريخ الفن المصري القديم أو الآثار المصرية القديمة، والتي كانت مادة
تخصصه، على أن يتبنى المجلس الأعلى للآثار هذه الفكرة، ومن جانب كلية الآثار يُمكن
أن تُنفذ نفس الجائزة لطلبة السنة الرابعة بالكلية، ويتم توزيع الجوائز في حضور
عائلة رضوان.
وتروي ياسمين
حسين، إحدي طالبات تمهيدي ماجستير بكلية الآثار جامعة القاهرة اللاتي درس لهن علي
رضوان، إنه أول مقولة يسمعها الطلاب عندما توطأ أقدامهم بكلية الآثار هي "من
لم يتلق العلم عن دكتور علي رضوان، لم يدرس الآثار ولم يدخل كلية الآثار"،
وتضيف "كان يتعامل كأب لنا، كان دائماً لا يخفينا من الخطأ حتي نتعلم، كنا
نستغرق في محاضراته حتي نشعر بأننا انتقلنا إلي زمن قديم، والآن وعرفاناً منا
بجميل دكتور علي رضوان كطلابه، نحاول أنا وزملائي أن نُنشر محاضراته في حلقات حتي
يستفيد بها الناس".
![]() |
عالم المصريات الراحل علي رضوان |