كتبت- شيماء عزت:
بمجرد أن تطأ قدميك وتكن
بالقرب من منطقة الإباجية ستقودك عيناك إلى إحدي معالم القاهرة القديمة، خاصة في
قلب جبل المقطم، إذ توجد تحفة فنية منحوتة داخل الصخر، تجمع مزيج من جمال الطبيعة
وتناغمها مع الفن المعمارى المميز، وتتجسد في دير القديس "سمعان الخراز"،
ويعد الأخير من أندر المزارات السياحية وأهمها في الشرق الأوسط، فإليه يأتى السياح
من كل بقاع العالم ليشاهدوا روعة الطبيعة وعظمة المنحوتات الأثرية القديمة المبهرة
بأصالتها وجمالها وندرتها.
طابع الدير المعمارى
المبهر ونقوشه الصخرية المنحوتة داخل الجبل تخبر الزوار بما جاء به الكتاب المقدس
من تعاليم وقصص روحانية تحمل في طياتها الرحمة والأمانة، فترجع تسمية دير
"سمعان" نسبة إلى سمعان الخراز الذى عُرف بالدباغ لطبيعة عمله في صناعة
الأحذية وتصليحها، والذي عاش فى القرن العاشر الميلادى أيام حكم الخليفة المعز
لدين الله الفاطمي وفي عهد بطريرك الأقباط إبرام السريانى، وشُهد له بالخلق الحسن
وسلامة النية.
على مقربة من حي الزبالين
يقع الدير في منطقة المقطم بالقاهرة التي ساهمت جهود أبنائه في تشييده وبنائِه،
فيضم الدير أربع كنائس منها: كاتدارئية السيدة العذراء والقديس سمعان، كنيسة
الأنبا إبرام بن زرعة السريانى، كنيسة الأنبا بولا أول السواح، وكنيسة مارمرقس
وقاعة القديس سمعان الخراز التى تتسع لـألفي شخص.
وتعد معجزة نقل جبل المقطم
التي حدثت في القرن العاشر الميلادي أشبه بقصة خيالية يصعب تصديقها، حول صاحب
الدير، فيقال إن إحدى هذه المعجزات حدثً أثناء حكم الخليفة المعز لدين الله، فكان
له وزيراً يهودياً اسمه "يعقوب بن كلس" وكان في معاداة مع الأقباط
لإتهامهم له بالجهل مما أثار غضبه فقرر الانتقام.
بدأ "وزير
الخليفة" بحشد ضد المسحيين، فوجد آية إنجيلية تقول "من كان له إيمان مثل
حبة خردل فإنه يقول للجبل انتقل من هنا إلى هناك"، فذهب للخليفة وطلب منه أن
يجعل سمعان يثبت ذلك فإما أن يكونوا على حق وإلا طردوا من المدينة وبالفعل انصاع
الخليفة لرغبات الوزير واستدعى "الخراز" وعرض عليه الآية وطلب منه
إثباتها بنقل جبل يوجد بشرق القاهرة وإلا وجب عليهم العقاب، فاعترى الخوف قلبه
وطلب من الخليفة أن يمهله ثلاثة أيام.
تحقيق المعجزة فى اليوم
الثالث
امتلكت الحيرة قلب
"الخراز" فحياتهم مرهونة بإثبات الآية فما كان عليه إلا أن يطلب من
المسحيين الصلاة والصوم بالماء والخبز والملح طلية الثلاث ليالي، وفي الثالثة حدثت
المعجزة بحدوث زلزال شديد نقل الجبل بعد رؤية شاهدها في منامه للسيدة العذراء
تطمئنه بصدق إيمانهم، ورأى ذلك الخليفة وعاشوا في سلام مع المسلمين.
مغارة داخل الجبل
بُني الدير على دفعات
متتالية عقب اكتشاف المغارة التي دفن بها القديس "سمعان" بمحض
الصدفة في السبعينات، ومن هنا جاء اهتمام علماء الآثار القبطية فى أوائل التسعينات
بالبحث عن مقتنيات "الدباغ" وتمكنوا من العثور على هيكلهِ العظيم ونُقل
إلى الدير لأخذ البركة، وتم بناء كنيسة قبطية محفورة داخل الجبل تستوعب أكثر من 20
ألف شخص وتعتبر الأكبر في الشرق الأوسط بأكمله.
هذه التحفة الفنية يتوافد
إليها آلاف الأشخاص أسبوعياً لتلبية الطقوس والاستمتاع بروعة وجمال الطبيعة، وعظمة
المنحوتات الصخرية، وممارسة الألعاب الرياضية التي ينظمها الدير.