كتب:يحي وحيد
يقول البعض إن التجارة أسرع طريق للربح، على
عكس معظم الطرق الأخرى طويلة المدى، وكما يقول البعض "التجارة
شطارة"؛لكن تم تحريف المثل لتكون "الشطارة" في التجارة الممنوعة،
لذا لجأ بعض البشر ضعاف النفوس إلي هذا النوع من التجارة، ونسلط الضوء في هذا
التحقيق على نوع من أنواع التجارة الممنوعة وهي تجارة الآثار، والتي يستعين بها
بعض الأفراد في مصر؛ كون مصر تخفي في أرضها ملايين الكنوز الأثرية.
دواعي التجارة"المشبوهه"
يرجع الأثريون السبب الرئيسي لانتشار هذه
التجارة إلي نقص الثقافة الواضح في المجتمع المصري، بالإضافة إلي الفقر، والتقاليد
والمعتقدات القديمة، فيقول الأستاذ محمد طه علام"مفتش آثار مصرية في وزارة
السياحة والآثار في منطقة الإسكندرية"«إن انحدار الثقافة لبعض الناس، بل وبعض
المسئولين هو السبب في وراء انتشار هذه التجارة، وهذا يجعلنا نقف مكتوفي الأيدي لا
نستطيع تغيير تلك الثقافات المتراكمة عبر السنين، فلقد تم اختزال مصطلح الآثار حول
كلمة"حتة، عروسة، تحفة" وهذا في الحقيقة مفهوم خاطئ عن الآثار. ويضيف
عليه الأستاذ شاذلي دنقل"مفتش الآثار في منطقة قنا"« أن حلم الثراء
السريع يصبح وهم مسيطر على هؤلاء الناس».
أماكن ذات ذاع وسيط في
التجارة "المشبوهة"
توجد بعض الأماكن الظاهرة على السطح أنها
الأكثر استحواذا لهذه التجارة، على رأسها في القاهرة مدينة"حلوان"
تحديدا مناطق(عزبة الوالدة، كفر العلو، حارة الأتاروة بكوتسيكا).
وأكد الاستاذ "جمال عبد الناصر "
وهو مفتش عام ومأمور ضبط قضائي قائلا:«حلوان بالتحديد وعين شمس وسقارة هن من
الأماكن التي كان يعيش بها الفراعنة؛ لذا تجد الآثار موجودة فى باطن
الارض بكمية كبيرة، و يتم التنقيب عنها بطرق غير مشروحة وممكن تظهر بالصدفة، مثل
أثناء عمل أساسات عمارة أو توصيل الصرف أو الحفر لعمل طرنش».
وليست القاهرة فقط المشهورة بتجارة الآثار؛
بل و في الإسكندرية مناطق (العطارين، اللبان، محرم بك)، وكل تلك الأماكن المشهورة
بتلك التجارة هي ليست مجرد أماكن، بل إن التجارة لها سيط وذاع في المكان كغيرها من
التجارة الممنوعة؛ لكن على حد قول مفتش الآثار الأستاذ"وليد علام" فمن
أكثر المحافظات في عملية التنقيب والحفر غير القانوني، وبالتالي بيع الآثار هما
محافظتي الشرقية وسوهاج، وأكد الأستاذ"شاذلي دنقل" على تلك المحافظات
وأضاف عليها محافظة المنيا، وأضاف "أحمد جمال" وهو طالب طب استقر فترة
في سوهاج، ويقول« إن حكايات تجارة الآثار منتشرة جامد جدا في سوهاج تحديدا مركز
أخميم، لأن فيها مقابر كتير، ودايما بتتفتح ويتهرب منها آثار، دا غير حكايات الجن
والشيوخ اللي بيتم استعمالهم لصرف الأعمال، دي حكايات كنت بسمعها في معظم القعدات
اللي هناك».
كما أكْد الخبير الأمني اللواء"عبد
الرحيم السيد" على أبرز الأماكن المذكورة حيث قال«أبرز الأماكن هى صعيد مصر،
الأقصر القرنة، أسوان، و تل العمارنة، القاهرة و عين شمس، المطرية،
الزيتون وذلك لاحتوائها على مقابر لم تكتشف بشكل رسمى وإنما عثر عليها بعض
المهربين خُفية».
مراحل عملية "المتاجرة الممنوعة"
والعملية تبدأ من خلال تحديد المكان المتوقع
أن يكون تحته آثار، وذلك يتم من خلال حلّين، إما من خلال الاعتماد على شهرة وجود
الآثار بالمكان، أو من خلال الاعتماد على مفتشي الآثار، ومن ثم يتم البدأ في الحفر
والتنقيب، وبعد الانتهاء يتم التأكد من أثرية الشيء المكتشف، وخلال عملية الكشف
يتم الاستعانة بالشيوخ لسببين، وفق قول مفتش الآثار"جمال عبد الناصر "«
السبب الأول هو إن الشيخ بيقول إنه ممكن يقربلك الدفينة من سطح الارض، ويقلك إنه
ممكن يسحب الدفينة لو موجودة عند حد من الجيران، وبيقول إنه بيحدد
العمق اللي موجودة فيه الدفينة، السبب الثاني هو إنه بيقول إنه هيتعامل
مع حارس الدفينة بالجن وبيقول كلام كتير قوى بس ده كلام بس».
وبعد التأكد من أثرية القطعة
يتم التجارة بها سواء في داخل مصر، أو تهريبها.
"جروبات" تجارة
الآثار...على مواقع التواصل
وامتلأت مواقع السوشيال ميديا بمواقع تجارة
الآثار؛ بل وذكر كيفية اكتشاف وبيع وشراء تلك القطع، حيث أن أحد الشخصيات على موقع
لتجارة الآثار يوضح «بالنسبة لطريقة شغلنا بسيطة جدا، وشغل علمي، علشان الشعب
المصري كله معتقد إن يملك مكان أثري، فلو عندك مكان ومش قادر توصل للمكان، أو
الميا معطلاك، أو لسه مشتغلتش في المكان، وشاكك إن عندك مكان من كلام الشيوخ
وغيره، وعايز تبيع مقفول، بنيجي لحضرتك بالمجسة وتكون مجهز 2 برميل
ميا كبير، وحنفية ميا شغالة باستمرار والمبلغ المتفق عليه على حسب المحافظة على
المكان، وننزل نشتغل» وهذا الشخص مجرد وسيط لشركة أو مؤسسة ما.
وعبر الأستاذ"وليد علام" مفتش
آثار منطقة سوهاج عن مواقع تجارة الآثار قائلا«مواقع كلها نصب واحتيال لأننا كل
فتره بنراجع كل الصور الفيديوهات على المواقع وبنلاقيها مضروبة»
كما أضاف مفتش الآثار"شاذلي
دنقل"«مواقع السوشيال ميديا معظمها للنصب علي الطماعين وانتشرت بسبب طمع
الناس».
عمليات تنقيب "في الخفاء"
يقول مفتش آثار قنا"شاذلي
دنقل"«لا يوجد أي حادثة بموقع عملي، ولكن أحدث حادثة كانت بمنطقة ميت رهينه
بالجيزة، و تم القبض علي أحد المواطنين يقوم بالحفر في خلف معبد ميت رهينه وتم عمل
حفاير بالمكان واكتشفت بعثة المجلس الأعلي للآثار تمثال مهم»
بينما عاكسه مفتش سوهاج"وليد
علام"«فى حوادث كتير بس كلها كانت أحراز غير أثرية بغرض النصب والاحتيال»
وأكدت على ذلك، الأستاذة"نهاد
فكري" مفتشة آثار سابقة،«أن كل ما تعرضت له من أمثال هذه الأحراز، كلها حاجات
مضروبة، وسهل تعرف انها حاجات غير أثرية بالمرة».
وأضاف الأستاذ "جمال عبد الناصر"
مفتش عام ومأمور ضبط قضائي لدى وزارة السياحة والآثار«نعم تم القبض على مجموعة
لصوص يحفرن خلسة بغرض التنقيب عن الاثار وده كان بجبانة المماليك"، وعن كيفية
تحديد أثرية الآثار المكتشفة قال«يتم التعرف على الأثر الاصلى من المستنسخ بطرق
عديدة منها الكتابات والنقوش الموجودة عليه، وجودة النحت ودقته على القطعة
المضبوطة، والألوان الأصلية بتبان عن الألوان في القطعة الغير أصلية».
مكافحة تجارة الآثار:
وضح اللواء عبد الرحيم السيد الخبير الأمني
في حوادث تجارة الآثار، أبرز طرق حماية الآثار ساردا« استخدام
التكنولوجيا سواء كاميرات أجهزة إنذار حديثة و أجهزة ليزر و أجهزة رصد الحركة ليلا
وكافة أوجه التكنولوجيا الحديثة، رصد الأماكن التي اُشتهرت بتجارة الآثار وتكثيف
المراقبة عليها و تكليف أطقم حراسة مدربة لحماية الأماكن الأثرية بعدد يتناسب مع
سعة المكان وظروفة، علاوة على ذلك يجب تغليظ عقوبات الاتجار بالآثار، ومنح
المبلغين والعاثرين على الآثار مكافآت مناسبة تحددها لجنة متخصصة حسب كل قضية
لتشجيع المواطنين على تقديم الآثار المعثور عليها أوالمعلومات للشرطة».
وفوق ذلك قال اللواء«يجب إعلام جميع
المؤسسات وجميع الناس بحيل تجار الآثار، فتتمثل أبرز الحيل في تقليد الآثار
الحقيقية بواسطة محترفين بآثار مقلدة أو وضع الآثار الحقيقية داخل آثار مقلدة من
الخارج بشكل ظاهر حتى يتم التدليس على لجان التفتيش الأثرية بالآثار الظاهر أنها
منتجات خان الخليلي، و إخفاء الآثار داخل بضاعة أخرى يتم تصديرها بشكل محترف، و
الاستعانة بالمرتشين من المسؤلين سواء في الآثار أو الأجهزة الرقابية أمام إغراء
المبالغ الضخمة».
وتطبيقا
للجهود الأمنية، أعرب اللواء عبد الرحيم السيد عن فخره بدوره في عملية كشف أكبر
عملية تهريب آثار في الوقت الحالي قائلا «قضية الآثار الكبرى قضية ضبط الآثار
المهربة فى إطاليا التى تمت بمعرفتي ولها قصة طويلة، قضية الآثار المتهم فيها شقيق
يوسف بطرس غالى التى خرجت بشكل دبلوماسى وتورط بعض المسؤلين، وقضايا الآثار دائما
مهنة "الكبار"و بعضهم مسؤلين، و تدل على تورط الكثيرين فى خروج الآثار
وضبطها خارج مصر بمعرفة شرطة أجنبية واعادتها لمصر».
القانون"الضابط"..
قرر مجلس النواب التأكيد على مشاريع قوانين
قدمتها الحكومة في 9 من فبراير الحالي، ومن بين تلك المشاريع، مشروع قانون تغليظ
عقوبة التجارة في الآثار، وعلى هذا الأساس،أقر البرلمان تعديل بعض أحكام القانون
رقم 117 لسنة 1983، بشأن حماية الآثار، في مجموع مواده، وإحالته إلى مجلس الدولة
للمراجعة، تمهيدا لأخذ الرأي النهائي عليه في جلسة لاحقة، والذي غلظ عقوبة حيازة
أو إحراز أو بيع أثر أو جزء من أثر خارج مصر، ما لم يكن بحوزته مستند رسمي يفيد
بخروجه من البلاد بطريقة مشروعة، إلى عقوبة السجن المشدد، وغرامة تراوح بين مليون و10
ملايين جنيه، فضلا عن مصادرة الأثر.
ونص مشروع القانون على أنه "يعاقب
بالحبس مدة لا تقل، عن شهر، وبغرامة لا تزيد على 100 ألف جنيه، أو بإحدى، هاتين
العقوبتين، كل من تواجد بإحدى المواقع الأثرية أو، المتاحف من دون تصريح، أو تسلق
أثرة من دون الحصول على ترخيص بذلك، على أن تضاعف العقوبة في حال ارتباط الفعلين
المشار إليهما بفعل مخالف للآداب العامة أو الإساءة للبلاد".