من أمام قدس الأقداس زوار معبد أبو سمبل.. حكايات رحلة عنوانها "الانبهار"


كتب: هدير على وآلاء عبد الحميد

مع دقات الساعة السادسة، فى 22 أكتوبر "يوم مولده"، أو 22 فبراير  ذكرى "تنصيبه على العرش"، من كل عام، ويتسلل شعاع الشمس ليضيء وجه الملك رمسيس الثاني داخل غرفته بقدس الأقداس في معبد أبو سمبل بأسوان، أكبر المعابد المنحوته بالصخر، فيخلق لدى الزائر مزيجًا بين إحساسين متناقضين من الرهبة لهول ما رأى من إعجاٍز جسَّده القدماء المصريون، والفخر بسبب عظمة أجدادهم. 
"مش كل سنة بروح" بدأ أحمد سعد، حديثه  بهذة الجملة ولكن هذا العام قررتُ الذهاب  للأقصر وأسوان، لأشاهد التعامد يوم 22 فبراير، استقليت قطار الدرجة الأولى مغادرًا من الإسكندرية الساعه العاشرة مساءًا وصولاً للأقصر الساعة الحادية عشر والنصف صباحًا، وقبل الحدث بيومين  "ركبت عربة ليموزين" للإتجاه نحو أسوان، وعندما رأيت هذا الحدث فى أول زيارة لي شعرت بالفخر بحضاراتنا وقدرة المصريين القدماء على التخطيط الدقيق وتنفيذه، وبالنسبة للتذاكر فى متناول الجميع فسعرها للمصري ثلاثين جنيهًا والطالب خمسة جنيهات، وكان مسموحا بالتصوير.
روى حازم محمد، عن كواليس حدث التعامد  خاصة أنه من أهل محافظة أسوان، فيقول "السياح أكثر فى الشتاء، والتنظيم لا يختلف كثيرًا  من كل سنة عن سنة أخرى،  واحتفالاً بالحدث تأتي الفرق الشعبية من كل أنحاء مصر تقريبًا بالإضافة إلى الفرق اليونانية والرومانية فى ميدان أبو سمبل لتبتهج المدينة كلها على إثر هذا الحدث.
يستكمل أسامة عبد الهادي، " كان من أحلام عمري زيارة الأقصر وأسوان ، وحضور هذا الحدث العظيم ، والحلم ده كان من 15 سنة، وبالفعل حققت حلمي وزرت المكان مرة ولا أذهب كل عام لكني أرى إن جمال الشيء والانبهار به فى مشاهدته لأول مرة،  وحجزي للتذاكر القطار كان قبل الحدث بأسبوع ،و البداية من أسوان، فنزلت بالقرية النوبية ليلة واحدة ثم انطلاقنا "بسوبر جيت" الساعة الثانية عشر بعد منتصف الليل،  فمن أسوان لأبو سمبل استغرق الوقت أربع ساعات،وقد وصلنا  قبل التعامد بساعة تقريبًا، فالكل يرى الحدث من خلال حواجز دخول وخروج فى اتجاه واحد بدون توقف فلا يوجد إمكانية للانتظار لمدة طويلة أمام الغرفة ، فالجميع يُكمل المشي، أما بالنسبة التنظيم فهو على مستوي كبير من الجودة، فهناك نظام وأمن بالرغم من العدد كبير الذى وصل إلى خمس آلاف شخص، ولكن العيب الوحيد هو السائح المحلي الذي يحاول دائمًا أن يتحايل على التنظيم ويثير التدافع.

تتحدث رحاب مغازي، عن خط سير رحلتها الأولي لمشاهدة حدث التعامد ،"أنا وزملائي قررنا السفر لرؤيه المشهد العظيم  فوصلنا لباب المعبد فى الساعة الثانية والنصف صباحًا، وانتظرنا شروق الشمس لحوالي أربع ساعات، للأسف كان الانتظار لمدة طويلة من الأمور المتعبة، لإنه لم يكن هناك أماكن للجلوس  أو استراحات قريبة غير على بعد نصف كيلو من المعبد، ومن المستحيل أن يترك الشخص مكانه لأنه من الصعب الرجوع مرة أخرى، ولكن بالنسبة للتنظيم والتأمين فكان جيد، و حتى أسعار التذاكر لم تكن غالية، فعلى ما أتذكر كانت بثلاثين جنيهًا فقط ، ثم وفي الساعة السادسة والنصف بدأت الشمس تشرق، مررنا بالغرفة التي يوجد بها قدس الأقداس، والتي لا تستطيع أن تقف عندها إلا حوالي مابين الثلاثين أو الأربعين ثانية بسبب الأعداد الكبيرة، ولكن الثواني المعدودة كانت كفيلة بتحريك شيء بداخلي، خاصة عندما تسمع هتافات الناس وهي سعيدة، وترى مختلف الجنسيات بمختلف الأعمار جاءوا ليروا الحدث، رأيت رجل وزوجته هناك تعدى عمرهم الستين عاماً، وانتظروا معنا أيضًا أربع ساعات، وبالرغم من الانتظار والتعب سأكرر التجربة في شهر أكتوبر من هذا العام، عندما يحدث التعامد للمرة الثانية في يوم مولده، ومع إنني لستُ من هواة المعابد وزيارتها لكن هذا الحدث بالذات أمتعني بدرجة كبيرة.




تعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني بمعبد أبو سمبل