150 عام على إنشاء دار الكتب.. ذاكرة التراث الثقافي المصري
قاعة الميكروفيلم.. قدم الأجهزة وضعف صيانتها ناقوس خطر
كتبت: تغريد
أيمن
الجو يمتليء بالهدوء والسكينة والراحة داخل أول مكتبة وطنية أُنشأت في العالم العربي (دار الكتب), والتي حملت مسمى "الكتبخانة الخديوية المصرية"، منذ أصدر الخديوي إسماعيل أمرا بتأسيسها عام 1870م, فعلى أحد مقاعد تلك الموائد العريضة المخصصة للاطلاع يجلس باحث منشغلًا بإجراء دراسته وإتمام هدفه الذي جاء من أجله إلى دار الكتب والوثائق القومية، والتي انتقلت إلى حيث موقعها الحالي على كورنيش النيل عام 1971، وكان الهدف منها عند إنشائها هو حفظ وإحياء التراث العربي, ونشر الوعي الثقافي بين أبناء المجتمع.
بعض خطوات أمام ذلك المقر القابع على كورنيش النيل تفصل الزائر عن الولوج إلى باب الدار المعنية بحفظ التراث الوطني المصري، والتي ذكر قرار تأسيسها، منذ عهد خليفة محمد علي، الخديوي إسماعيل، أنها موكلة بمهمة حفظ التراث على مستويين, أولهما حفظ الإنتاج الفكري لهذه البلد أي ما كتبه أبناؤها, وثانيهما هو جمع وحفظ ما كُتب عن مصر في الخارج. فأمام هذا الصرح الهائل مر على إدارة دار الكتب عهدان متميزان, أولهما عهد الإدارة الأجنبية, وبدأ هذا العهد من فجر نشأة الدار إلى سنة 1914م, حيث تولى إدارتها طائفة من العلماء الألمان, وثانيهما في عهد الإدارة المصرية.
المشهد
متكرر يوميًا في قاعة أجهزة الميكروفيلم والميكروفيش داخل الدار, والتي بمجرد دخول
الباحث إليها, يجلس إلى حيث مقعده أمام جهاز الكمبيوتر منشغلًا في قراءة وتصفح
الجرائد والمجلات المعروضة على هذه الأجهزة؛ وذلك حرصًا من الباحثين على استغلال
المدة الزمنية المحددة لهم للجلوس على هذه الأجهزة, حيث يجلس كل منهما أمام جهازه
مدة زمنية معينة يحددها له العاملون في هذه القاعة, ليترك مكانه لغيره؛ لأن عدد
أجهزة الميكروفيلم والميكروفيش قليلة لا تلبي طلبات واحتياجات كل المترددين عليها
من الباحثين، وهي المشكلة التي تصادف كل من يتردد على هذا المكان.
فتاريخ إنشاء قسم الميكروفيلم في الدار يعود إلى سبعة عقود منذ عام 1948، في مكتبة باب الخلق، المقر السابق للدار, فعندما تأسس مركز الترميم والصيانة, تم نقل الميكروفيلم إلى المركز بكورنيش النيل عام 1975م, ليصبح المركز "مركز الترميم والصيانة والميكروفيلم", الذي كان ينظر إليه على أنه سيكون أهم ما يميز الدار الذي يأتي له الباحثون لأجل الحصول على ذلك الشريط الفيلمي الملفوف حول بكرة فيلمية "الميكروفيلم", أو تلك البطاقة الفيلمية المسطحة }الميكروفيش{، والذي تترتب فيها اللقطات بشكل أفقي وعمودي.
جولة داخل
قاعة المطالعة في دار الكتب والاقتراب من أجهزة الميكروفيلم والميكروفيش, تجعل
الناظر على ظن يتحول إلى حقيقة بأنه أمام عددًا من الأجهزة التي تأخذ مساحة كبيرة
من القاعة, لكن يجمعها صفة القدم، وعدم وضوح المادة المعروضة عليها، كما أن عدم
وضوحها يكون مُجهدًا للعين بدرجة كبيرة, مما يشعر معه الجالس أمام تلك الشاشات
بالإرهاق الشديد في العين والصداع؛ لكثرة الجلوس عليه والتدقيق في الأجهزة لمحاولة
قراءة المادة المعروضة عليها بشكل أكثر وضوحًا.
الجولة داخل
قاعة الميكروفيلم تتسم بالرغبة في كشف الفضول عن كيفية التعامل مع بعض السلبيات،
شكاوي المترددين على تلك الأجهزة, وبمجرد سؤال إحدى مشرفات القاعة تهربت من
الإجابة بدافع عدم القدرة عن الحديث لأي وسيلة إعلامية أو صحفية، لكنها أشارت
للمشرفة عليها " للأستاذة اللي هناك ديه هي الكل في الكل", لترد تلك
الأخرى بصوت متردد "صحفية يعني", فرجعت بظهرها ليتستقيم على الكرسي الذي
تجلس عليه, وقالت بنبرة كلها فخر: "إديكِ شايفة أهو يا أستاذة الباحثون كلهم
قاعدين وبيشتغلوا زي الفل على الأجهزة, ومفيش شكاوي منه خالص".
وبسؤالها عن صيانة أجهزة الميكروفيلم والميكروفيش, فأجابت أن أحد العاملون يأتي لصيانتها شهريًا لتنظيفها, حيث يكون لهذه الأجهزة موعد محدد ليتم صيانتهما بشكل دوري في هذا الموعد.
وبسؤالها عن صيانة أجهزة الميكروفيلم والميكروفيش, فأجابت أن أحد العاملون يأتي لصيانتها شهريًا لتنظيفها, حيث يكون لهذه الأجهزة موعد محدد ليتم صيانتهما بشكل دوري في هذا الموعد.
يأتي أحد المشرفون للحديث عن القاعة وكيف يمكن الحفاظ عليها في خدمة الباحثين خاصةً معاناتها من قدم أجهزتها، لتلحقه تلك السيدة السابقة بالتنبيه عليه بعدم الحديث وبصوت همهمة منخفض قليلًا "خلي بالك ديه صحفية, واحدة زيها جت هنا قبل كده, وواحدة من هنا قعدت تتكلم معاها عن السلبيات والشكاوي, وبعدين نشرتها, وبعد كده اتحولت بعدها على طول للشئون القانوينة ثم فُصلت".
حاولت جولة
"دهاليز" التطرق داخل الصرح التراثي الثقافي الأكثر أهمية لدى الباحثين،
واقتربت من شهادة أخرى لأحد المسئولين السابقين عن الدار، وهو الدكتور عماد
عيسى, رئيس الإدارة المركزية لدار الكتب سابقًا, والذي اعترف بعيوب
الأجهزة القديمة المتهالكة كالميكروفيلم, وتقادمها واحتياجها إلى صيانة مستمرة,
حيث أن من توابع قلة الصيانة ضعف جودة المواد المعروضة، مشيرًا إلى أنها تحتاج
أماكن ومساحات كبيرة، ففي حديثه اختتم بالقول "نسمع إلى وجهات نظر مغايرة
لوجهات نظرنا نحن العاملين في الدار؛ لأن كثرة تواجدنا في المكان من الممكن أن
يجعلنا لا نشعر بالمشكلة, أما الباحثون فهم من يشعرون أكثر بوجود المشاكل".
تحكي جهاد عصام, طالبة بكلية الإعلام جامعة القاهرة, تجربتها مع دار الكتب وقاعة الميكروفيلم والميكروفيش, أن تجربة زيارتها لدار الكتب والوثائق القومية كانت تجربة لطيفة بالنسبة لها؛ لأنها استطاعت خلال زيارتها لقاعة الميكروفيلم والميكروفيش أن تُعايش فترة معينة من الزمن, وتتابع قائلة: "شوفت جرائد ومجلات كثيرة تناقش قضية معينة وخلال فترة زمنية معينة, شوفت تنوعهما في مناقشة نفس القضية, ولكن باختلاف وجهات النظر بين مؤيد ومعارض لقضية ما, وهو ما جعلني أشعر أنني معايشة لهذه الفترة".
أوضحت أن من عيوب أجهزة الميكروفيلم والميكروفيش, أنها أجهزة قديمة جدًا, مؤكدة على أن الباحث الذي يرغب في إجراء رسالة ماجستير أو دكتوراه أو بحث ما على هذه الأجهزة المتهالكة, سيقضي على حاسته البصرية, وسيكون جانيًا على نفسه؛ لأنه سيضعف نظره من كثرة التدقيق فيهما.
وأضافت أن هناك بعض الدوريات ونسخ الجرائد الورقية التي تكون موجودة, ولكن الكلام يكون غير واضح عليهما, وتستكمل حديثها قائلة: "تحسي كأنها مدلوق عليها حاجة, شعرت وقتها إن مفيش من قبل الجهة المسئولة عليه حفاظ, وهذا خطأ؛ لأنه من المفترض أنه تراث فكري وثقافي ضخم يحتاج إلى تطوير وترميم, للحفاظ عليه من الهلاك والتلف, كما أن أجهزة الميكروفيلم والميكروفيش لابد أن تكون أجهزة متطورة؛ حتى نستطيع أن نواكب العصر الرقمي الذي نعيشه حاليًا", وتختتم حديثها قائلة: "ده تاريخ دولة لابد أن نحافظ على هذه الأجهزة؛ لأنها تؤرخ إلى أحداث تاريخية وحقب زمنية معينة كانت تمر بها الدولة في وقتٍ ما".
تحكي جهاد عصام, طالبة بكلية الإعلام جامعة القاهرة, تجربتها مع دار الكتب وقاعة الميكروفيلم والميكروفيش, أن تجربة زيارتها لدار الكتب والوثائق القومية كانت تجربة لطيفة بالنسبة لها؛ لأنها استطاعت خلال زيارتها لقاعة الميكروفيلم والميكروفيش أن تُعايش فترة معينة من الزمن, وتتابع قائلة: "شوفت جرائد ومجلات كثيرة تناقش قضية معينة وخلال فترة زمنية معينة, شوفت تنوعهما في مناقشة نفس القضية, ولكن باختلاف وجهات النظر بين مؤيد ومعارض لقضية ما, وهو ما جعلني أشعر أنني معايشة لهذه الفترة".
أوضحت أن من عيوب أجهزة الميكروفيلم والميكروفيش, أنها أجهزة قديمة جدًا, مؤكدة على أن الباحث الذي يرغب في إجراء رسالة ماجستير أو دكتوراه أو بحث ما على هذه الأجهزة المتهالكة, سيقضي على حاسته البصرية, وسيكون جانيًا على نفسه؛ لأنه سيضعف نظره من كثرة التدقيق فيهما.
وأضافت أن هناك بعض الدوريات ونسخ الجرائد الورقية التي تكون موجودة, ولكن الكلام يكون غير واضح عليهما, وتستكمل حديثها قائلة: "تحسي كأنها مدلوق عليها حاجة, شعرت وقتها إن مفيش من قبل الجهة المسئولة عليه حفاظ, وهذا خطأ؛ لأنه من المفترض أنه تراث فكري وثقافي ضخم يحتاج إلى تطوير وترميم, للحفاظ عليه من الهلاك والتلف, كما أن أجهزة الميكروفيلم والميكروفيش لابد أن تكون أجهزة متطورة؛ حتى نستطيع أن نواكب العصر الرقمي الذي نعيشه حاليًا", وتختتم حديثها قائلة: "ده تاريخ دولة لابد أن نحافظ على هذه الأجهزة؛ لأنها تؤرخ إلى أحداث تاريخية وحقب زمنية معينة كانت تمر بها الدولة في وقتٍ ما".
"المكان
حلو جدًا, وهو بجد قيمة ثقافية ومعرفية جميلة ومريحة, والناس هناك في منتهى الذوق
والتعاون", هكذا بدأت هيلدا وجيه, طالبة بكلية الإعلام جامعة القاهرة, حديثها
عن دار الكتب والوثائق القومية, وتستكمل حديثها عنه قائلة: "أول مرة
روحت فيها دار الكتب والوثائق القومية, انبهرت بالمكان ومساحته؛ لأني مكنتش متخيلة
المكان بهذا الشكل من الجمال, وكنت فاكرة إننا لما نتردد على هذا المكان أكثر من
مرة الناس اللي هناك هتزهق مننا, لكن الصراحة طلعوا ناس كويسين جدًا, وهذه التجربة
بالنسبة لي تجربة حلوة وإضافة جميلة ليا".
وتقول: "أجهزة الميكروفيلم والميكروفيش مشكلتها أنها مُتعبة ومُجهدة للعين, والإضاءة فيها مكنتش حلوة خالص والخطوط كانت ممسوحة, والأسطر كانت متداخلة في بعضها, مما يجعل هناك صعوبة في قراءة الموضوعات بيُسر, بالإضافة إلى أن أداة التحكم في الأجهزة, التي كنا نستخدمها للتقليب, كانت بتعلق في بعض الأجهزة".
وتختتم حديثها قائلة: "صيغ النسخ في هذه الأجهزة من الممكن أن تتعدل بطريقة ديجيتال, لتصبح على سيديهات؛ لأننا أصبحنا في عصر الرقمنة, واستخدام الأفلام انتهى من زمان".
وتقول: "أجهزة الميكروفيلم والميكروفيش مشكلتها أنها مُتعبة ومُجهدة للعين, والإضاءة فيها مكنتش حلوة خالص والخطوط كانت ممسوحة, والأسطر كانت متداخلة في بعضها, مما يجعل هناك صعوبة في قراءة الموضوعات بيُسر, بالإضافة إلى أن أداة التحكم في الأجهزة, التي كنا نستخدمها للتقليب, كانت بتعلق في بعض الأجهزة".
وتختتم حديثها قائلة: "صيغ النسخ في هذه الأجهزة من الممكن أن تتعدل بطريقة ديجيتال, لتصبح على سيديهات؛ لأننا أصبحنا في عصر الرقمنة, واستخدام الأفلام انتهى من زمان".
ذكرت شيماء
نبيل, طالبة بكلية الإعلام جامعة القاهرة, أنها ذهبت إلى دار الكتب لإجراء بحثٍ
ما, وتقول: " كنت أول مرة أدخل المكان ده فى حياتي, المكان له هيبة كبيرة
ونظيف جدًا ومكنتش متوقعة أنه بالجمال ده الصراحة". مشيرة إلى أن من عيوب
أجهزة الميكروفيلم والميكروفيش, عدم وضوح المادة المعروضة عليهما بسهولة؛ لأنهما
يحتاجان إلى كثرة التدقيق فيهما بصورة كبيرة, وتتابع قائلة: " لازم أدقق
بعيني جامد وأكون واقفة كمان, بالرغم من أن أمام كل جهاز كرسي للجلوس عليه, بس لو
قعدت مش هعرف أشوف كويس، على ما خلصت البحث كان ضهري وعيني ضاعوا بسبب أن الكلام
مش واضح".
![]() |
دار الكتب والوثائق القومية |
![]() |
دار الكتب والوثائق القومية |
![]() |
الخديوي إسماعيل مؤسس الكتبخانة |
![]() |
الكتبخانة الخديوية المصرية قديمًا |