فلاحين دنشواي .. ملحمه تقاوم الزمان.



كتابة وتصوير : إسراء فتيان

لقد نجوا منذ 114 عام في هذا المكان وتحديداً "مركز الشهداء ، محافظة المنوفية "  فهم لا يعرفون مصير اختيارهم فالخروج عن الصمت الذى كان يقود تلك المرحلة تعتبر عملية انتحارية من نوعاً خاص ، لكنهم عابرو هذا الحادث بقوة صبرهم وشجاعتهم النادرة والتي من المؤكد أنه جزء ميراثي في عقيدة المصريين.
فكان من المعروف والسائد أن من يحارب القوى الاستعمارية هم المثقفين والطبقات العليا من الشعب لكنه الغريب في هذا الحادث أن قائد هذه الملحمة كان إنسان لا يفقه الكثير عن أموار السياسية ولا يعرف عن مكنونها شيء لكنه أدرك مدى أثر الظلم على الإنسان وتحوله لقوة هائلة تستطيع أن تدفعك للمجاهدة والنضال لتغير الواقع لذلك ولدت دنشواي فكان قائدها "الفلاح المصري " ولربما هذا ما تم رصده بالفعل داخل متحف "دنشوي" الواقع تحديداً في نفس مكان الحدث، فحينما تمر في زاوياه تشعر وكأنك داخل الواقعة ولربما تكون جزء من المناضلين ضد الاحتلال فاستخدام الألوان مع التجسيد الفعلي للحدث يشعرك وكأنك جزء من تلك المعركة.


حينما مررت على يمين المتحف وجدت صورة مفتعله بالألوان الساخنة هذه اللوحه ترصد بعض الضباط الإنجليز إلى قرية دنشواي يوم الأربعاء الموافق 13 من يونيو 1906 لصيد الحمام رغم أنه كان ممنوعا طبقا للقانون الإنجليزي آن ذاك، ولكن " الميجور كوفين" قائد الفريق الذي وصل إلى أرض دنشواي لصيد الحمام مولعا بالصيد .


وعلى يسار الصورة السابقة تجد أخرى تعكس بعض الرجال يطلقون الأعيرة النارية لصيد الحمام بجوار الأشجار على جانبي الطريق فإذا بشرارة إحدى الطلقات تشتعل في جرن الحمام الخاص بالشيخ محمد عبدالنبي مؤذن القرية ، والتي كان يحتوي محصوله من القمح .


وأثناء مروري لفت انتباهي صورة أخرى توضح  اشتعل المحصول ما آثار غضب الأهالي فخاف الضباط الإنجليز وأطلقوا النيران باتجاه أهالي القرية الثائرين فأصابوا زوجة مؤذن القرية وسقطت قتيلة.


وكانت المكلمة لتلك الأحداث صورة أخرى توضح استشاط أهالي القرية غضبا وخرجوا خلف الضباط الذين ارتعدوا من شدة غضب الأهالي وأخذوا يجرون حتى أصيب أحدهم بضربة شمس أودت بحياته وهو في طريقه لطلب النجدة من المعسكر الإنجليزي، الذي يبعد حوالي ثماني كيلو مترات عن القرية.



وقتها وجدت صورة بها حركة عشوائية وحالة من الفزاع فهي توضح تلك التحقيقات غير العادلة بضغط من اللورد كرومر، والذي اعتبر ما حدث إهانة كبيرة بحق الضابط الإنجليزي المتوفي بل وفي حق الإنجليز جميعاً ، ونصبت المشانق يوم 18 يونيو حتى قبل صدور الأحكام واستمرت المحاكمة على مدى 3 أيام.


وكانت الصورة التي أستخدم فيها الرسام اللون الاحمر الذي يوضح اشتعال الفلاحين نتيجة لصدور الحكم الذي تلاه سكرتير الجلسة والذي كان يقضي بإدانة 21 متهمًا، وانتهت المحاكمة بإعدام أربعة، وبالأشغال الشاقة المؤبدة على اثنين، والأشغال الشاقة 15 عاما لواحد، والأشغال الشاقة 7 سنوات على 6 آخرين، والجلد 50 جلدة بالقطة الإنجليزي ذات الأذرع الخمسة على 8 من أهل القرية، وأن يتم الإعدام والجلد بقرية دنشواي وأن يقوم مدير مديرية المنوفية بتنفيذ الحكم فورًا.


فوجدت رجلاً يرتدي بدلة سوداء من بعيد هذا الرجل "مصطفى كامل"  حيث اتخذ الحادثة دليلاً ضد بريطانيا في المحافل الدولية على ما تقوم به من ممارسات شنيعة ضد الأهالي دون وجه حقّ ، حتى تمّ الإفراج عن مسجوني دنشواي عام 1908.


وربما كان في أقصى اليمين صورة تحمل ألوان محايده هذه الالوان توضح اضطرار الحكومة البريطانيه لعزل مندوبها السامى فى مصر اللورد كرومر.


في النهاية وجدت صورة تحوي على الالوان شديدة البهجة وترسم صورة لنهاية سعيدة حيث سعادة الفلاحين بهذا القرر وكانت نهاية نصر لنضالهم ضد الاحتلال الإنجليزي.