أكدوا أن الأيادي المصرية "الحل" أثريون يكشفون أبرز أزمات الترميم



عبد اللطيف: الآثار تحتاج إلى ميزانيات أكبر.. رجاء: التمويل والأدوات أبرز مميزات الخبرات الأجنبية
غندر: تطورنا لكن لم نصل للقمة.. وتوفير المواد والوقت والعائد المادي الجيد سر النجاح
حلمي: نعاني ضعف الإمكانيات بالرغم من وجود الكفاءات والخبرات المصرية

كتبت- آلاء عبد الحميد وهدير علي

مع نشاط حركة الاكتشافات الأثرية، مؤخرا، تزداد أهمية الترميم، كونه جزءاً أصيلاً وعاملاً مهماً تكتمل به الصورة ليخرج المشهد لائقا أمام العالم أجمع، إذ أن الهدف من مهمة عملية الترميم بالأساس يكمن في الحفاظ على الأثر من قبل عوامل التلف المختلفة، ومن المفترض أن الترميم ينطوي على عنصر الحفاظ والحماية، ولذا كان من الأولى ألا تصل الأزمات والإخفاقات لهذه العملية.
قال عاطف عبد اللطيف، رئيس قسم الترميم بكلية الآثار جامعة القاهرة، إن عملية ترميم الآثار تتم بمعايير ومواثيق عدة من بينها، ميثاق فينسيا، وكذا، وفقاً لمنهجية معينة، موضحا أن كل حالة تختلف عن الأخرى ويتحكم بها عوامل كثيرة على رأسها مكان الأثر ونوعه وحالته، لافتا إلى أن آلية الترميم تتمثل فى التوثيق قبل التدخل في الأثر بأي شكل، كون التوثيق يعتبر شهادة ميلاد للأثر وخطوة مهمة فى حالات التلف، أو تهريب بعض الآثار للخارج، ما يتيح القدرة على استرجاعه.
وأضاف أن جهود المرحلة الثانية تكمن في إجراء عملية التشخيص، لمعرفة مظاهر التلف بالأثر، ومن بينها توثيقٌ لهذا التشخيص، إذ يتم التشخيص من خلال أخذ عينة بسيطة غير مؤثرة للأثر التالف، وحتى وإن كان هناك ترميم سابق خاطئ، إذ أن الهدف من عملية التشخيص هنا القدرة على أخذ القرار إما بقاءه أو إزالته، والإزالة تكون ممكنة، لأن الترميم من المفترض أن يستخدم فيه مواد استرجاعية، والخطوة الثالثة تتمثل في أعمال الترميم، ومنها المعماري الذي يتعامل مع المنشأ، ومنها الترميم الدقيق الذي يشتمل على التنظيف والتقوية والاستكمال.
وأوضح "عبد اللطيف"، أن منظمة "اليونسكو"، هي المسؤولة عن حماية التراث، ومتى كان الأثر مسجل بقائمتها، فيجب عليها دعمه وحمايته وتمويله، كما حدث بالنسبة لآثار النوبة في الستينيات، مؤكدا أن التراث يحتاج دائماً إلى أضعاف الميزانية المرصودة، لأنه يحتاج إلى التدخل بشكل دائم، خاصة في بلد مثل مصر تحظى بكم كبير جداً من الآثار.
ويرى ممدوح غندر، رئيس وحدة ترميم آثار معبد دندرة، أن عملية الترميم في مصر تطورت إلى حد كبير، لكن لم تصل إلى القمة، بسبب ضعف اهتمام الوزارة بالمُرمم من ناحية المرتبات والمكافآت، وتسليم العمل له، مشيرا إلى أن الكثير من المرممين المصريين أفضل بكثير من الأجانب، بل ووصلوا إلى مرحلة لم تصل لها الخبرة الأجنبية، حسب وصفه.
ولفت إلى أن المسؤول يهتم بكمية الإنجاز لا بالاطمئنان على المرممين، خاصة أن الكيماويات التي نعمل بها شديدة الخطورة كالبرالويد وكربونات الأمونيوم، وبيئة العمل صعبة، مشيرا إلى أنه عندما يتعرض أثر ما لمشاكل الترميم، فهذا ليس بسبب استخدام خاطئ للمواد، بل يرجع إلى الاستعجال وضيق الوقت الذي يحدده المسؤول لإنجاز العمل، مشددا على أن توفير مواد للمرمم، ومساحة من الوقت، والعائد المادي الجيد، وإعطاءه وضعه بالمكان الذي يعمل به، سر نجاح أي ترميم.
وقال فريد حلمى، مدير ترميم آثار بني سويف، إن واقع الترميم يعاني من ضعفٍ في الإمكانيات بالرغم من وجود الكفاءات والخبرات المصرية، موضحاً أن ضعف الإمكانيات يكمن في ضعف توافر المواد  والأدوات  والأجهزة اللازمة للقيام بأعمال الترميم على أكمل وجه ويتم العمل بصعوبة وأحيانًا بجهود ذاتية.
وأضاف: "اشتغلت سنوات فى ترميم معبد هيبس بمدينة الخارجة فى الوادى الجديد وفي هذا المشروع تم توفير كل ما يلزم الترميم، ورُمم المعبد بأيادى مصرية تفوق الخبرات الأجنبية".
وأكدت رجاء أحمد، أخصائي ترميم آثار، أن المشكلة في ضعف الإمكانيات كالأدوات والمواد، وأن العمل مع الخبرة الأجنبية مفيد، خاصة بسبب دورهم في التمويل وتوفير المواد والأدوات المناسبة، لكن  الأيادي المصرية تطغى في مجال الترميم، حسب قولها، مضيفة أن الترميم الذى حدث  لمقصورة الإسكندر الأكبر بمعبد الأقصر كان نموذج للترميم الممتاز، والتي مازالت عمليات الترميم فيه مستمرة.
ووصفت مروة عبد الحفيظ، مدير إدارة البحث العلمي بإدارة العصر الحديث، حال الترميم بقولها "لا يسُر"، إذ أن هناك نماذج لبعض الآثار حركت إخفاقات بمجال الترميم، كقصر إسماعيل باشا المفتش بمنطقة وسط البلد في ميدان لاظوغلي، والذي تم البدء في ترميمه منذ عام 2002، لتتناوب عليه العديد من الشركات الخاصة لترميمه. 
وأضافت أن القصر خرج من معالمه الأثرية، وقانوناً يجب أن يخرج من كونه أثر، لأنه حدث به بعض الممارسات الخاطئة كتركيب التكييفات والمسامير، وهي أشياء لا تصلح أن تُركب في أثر، وأن بسبب أعمال الترميم غير السليمة شُوهت آثار كبيرة وعظيمة أخرى، ومن بينها مسجد الظاهر بيبرس.



د. عاطف عبد اللطيف..رئيس قسم الترميم بكلية الآثار جامعة القاهرة