كتبت- إسراء فتيان
ويارا السيد:
سمعت صوتاً من بعيد يقول "اغلق الباب" سنستعد للتصوير،
ووجدت وقتها امرأة قصيرة جداً تبدو في ملامحها وكأنها "شادية" ورجلاً
يوجه الجميع، يجلس بجانب الأسانسير ويحرك خيوط المشهد بطريقته، ويحيط به حالة من
الفوضى تنتشر في كل مكان، ربما لم أستوعب المشهد وقتها لكني وجدت نفسي أراقبهم من
بعيد وشعرت أني أسكن في مكاناً مميزاً، حتى أن هذا المكان وقتما كانوا يصنعون
مسابقات لأفضل عمارة كنا دائماً نفوز، لذا نحن في محط أعين الجميع دائماً وربما
هذا ما جذب "نجيب محفوظ" ليكتب قصة هذا الفيلم بداخلها ويطلق اسمه بذات
اسمها "ميرامار".
من يمر أمامها لا يساوره شك في أن طراز تلك العمارة تجمع في واجهتها
زخارف على الطرازين الإسلامي والإيطالي، وربما يرجع ذلك لأن من وضع تصميمها
المعماري الإيطالي المصري "جياكومو أليسندر لوريا" عام 1926، فحين تقف
أمامها وأمام بوابتها التاريخية القديمة التي لا تزال صامدة لما يقارب الـ 100
عام، فلك أن تعلم أن تلك البوابة كانت العالم الذي عبر منه خيال "محفوظ"
لسرد أحداث رواياته وشخصياتها المميزة في رائعته الأدبية "ميرامار".
في عيون "محفوظ"
فعلى الجهة المقابلة للعمارة يقبع مقهى "أتينيوس"،
المقهى القديم ذو الطراز المعماري اليوناني، بزخارفه اليونانية القديمة، فتشعر
وكأنه يحمل علاقة ما مع العمارة فالغزل بينهم وصل حد الالتقاء داخل الأعمال
الأدبية والفنية، فيحكى أن "نجيب محفوظ" جلس في هذا المكان يراقب
العمارة من جهة، ويراقب المجتمع المحيط بها من جهة أخرى، فحينما امتزج البحر مع
جمال المشهد، صنع داخل "صاحب ملحمة الحرافيش" القدرة على سرد تلك
الراوية الشهيرة "ميرامار" والتي حملت نفس اسم العمارة، ورصد من خلالها
تاريخ المجتمع السكندري، والذي استوحى محفوظ روايته من سيرة "كارلا"،
السيدة اليونانية التي كانت تمتلك فندقًا بالعقار، وهي ذاتها شخصية
"ماريانا"، مالكة البنسيون، اليونانية في الرواية.
ميرامار
"الآن"
يمر الزمن
بين المشهدين ولا يزال المكان محتفظا برونقه فيبدو أن "محفوظ" كانت
أعينه ذهبيه فالمكان يوجه النظر ناحية البحر ويربطه علاقة قوية بالمقهى الذي يقع
أمامه كما أن الحجرات داخل الفندق رغم تعرض بعضها لترميم إلا أن البعض الاخر مازال
يحفظ في داخله أسرار كثيرة، وعلى نفس خطوات أمينة وعلى نفس بسمه "يوسف
شعبان" وبرهبة "يوسف وهبي"، صعدنا على درجات السلم، حتى قابلتنا جيهان كمال حسن، مالكة الفندق، والتي يبدو
من بسمتها أنها تحمل بداخلها الكثير من الحكايات والتي بدأت بجدتها حينما أشتريت
هذا الفندق والتي تدعى "كارلا"، وهي سيدة يونانية الجنسية، مؤكدة أن
الفيلم المأخوذ عن الرواية، وتم تصويره بالكامل في الفندق.
بين الترميم والذكريات
وتشيرحفيدة "كارلا" إلى أن الفندق تعرض لترميم خارجي
باستثناء ثلاث غرف، مازالت تحتفظ بديكوراتها القديمة وبدأت تسرد لنا أحداث تصوير
فيلم "ميرامار" حيث أن جميع أبطال الفيلم كانوا يقيمون هنا في الفندق،
علاوة على أن جميع مشاهد الراوية تم تصويرها داخل العقار باستثناء المشاهد
الخارجية التي تم تصويرها في محطة الرمل.
نجوم داخل "ميرامار"
وتابعت مالكة
الفندق، أن العقار شهد تصوير العديد من الأعمال السينمائية الأخرى، ومنها مسلسل
"حنين" للفنان العالمي عمر الشريف، وأخيرًا فيلم "صباحو كدب"
للفنان أحمد آدم، كما أقام به عدد كبير من الفنانين، وعلى رأسهم الفنان إسماعيل
ياسين.