مزادات بيع الآثار المصرية... هنا سوق تهريب الكنوز "الآثار": مصر فقدت 32 ألف و638 قطعة أثرية على مدار أكثر من 50 عاما



مدير الآثار المستردة: نجحنا في استرداد 30 ألف قطعة أثرية.. والقانون وراء التهريب

خبراء: حيل استرداد الآثار المهربة "ضعيفة".. وقضايا الاستعادة لا تسقط بالتقادم


كتب: يحي وحيد و يارا السيد


حينما ترى المزادات يخطر في عقلك مزادات المسلسلات المصرية القديمة، والتي كانت عن اللوح والقطع النادرة، وكانت تدور حول ثلاث كلمات (ألائوونه، ألادووه، ألاتريه)، ثم إعلان الفائز بالمزاد؛ لكن مزادات الآثار لها حسابات أخرى، فمصر عانت من تهريب تراثها الأثري للخارج، وإجراء المزادات عليها، والدولة تشاهدها كمن لا حول له ولا قوة.

فبحسابات الأرقام أعلنت وزارة الآثار المصرية في صيف 2017 فقدان 32 ألف و638 قطعة أثرية على مدار أكثر من خمسين عاما وإذا سلطنا الضوء على الثلاث سنوات الماضية، سنجد أن مصر فقدت آثارا وأموالا، ففي يوليو من العام الماضي خسرت مصر 4 ملايين ونصف جنيه إسترليني عند بيع تمثال مسروق(لرأس منسوب للملك الفرعوني توت عنخ آمون) وذلك في دار مزادات كريستيز بلندن، وذلك التمثال كان ضمن 32 قطعة أثرية أخرى تابعة لمصر، فبات من الطبيعي أن نجد الآثار المصرية في المزادات العالمية علي موعد بيع جديد بآلاف الدولارات علي مرآي ومسمع...


الآثار المستردة ...


من جانبه أعلن الأستاذ شعبان عبدالجواد مدير إدارة الآثار المستردة التابعة لوزارة الآثار، أن مصر نجحت في استرداد 6 آلاف قطعة أثرية مصرية منذ عام 2002 (أي منذ أن نشأت الإدارة) وحتى عام 2011، وأستردت الإدارة 24 ألفا تقريبا من الآثار المصرية منها 21 ألفا و660 قطعة عملة فقط، أي استردت الإدارة ألفين وثلاثمائة وثلاثين قطعة أثرية دون قطع العملة.

وعما فقدته مصر من مقتنياتها في الخارج قال أن مصر فقدت 32ألف و 638 قطعة أثرية، واستطاعت من عام 2002 وحتى الآن استرداد 30 ألف قطعة أثرية، أي أن ألفان و638 قطعة أثرية مصرية لم تسترد حتى الآن ".

‏أما عن أبرز الآثار المستردة، فقد ذكر انه قد تم استرداد مومياء للملك رمسيس الأول من الولايات المتحدة، و تابوت مُذهب للملك إخناتون من ألمانيا عام 2002، تابوت مُذهب عُرض في متحف المتروبوليتان، والذي تم بيعه بأكثر من 6 ملايين دولار في 2017، ‏بالإضافة لمجموعة من القطع الأثرية التي تم استردادها من الدول العربية مثل الإمارات، والسعودية، الأردن، وغيرها من الدول الأوربية مثل اليونان وقبرص، إطاليا، ألمانيا.


لا تسقط بالتقادم :


ومن جانبة ذكر أن إدارة الآثار المستردة لم تفشل في استرجاعها، وإن الآثار التي لم يتم إستردادها ليست موضع حديث مادامت الدعاوي القضانية مازلت مستمرة، مضيفا " قضايا الآثار لا تسقط بالتقادم، هذا بالرغم من تعنت بعض الدول، وتعنت بعض الأشخاص الحائزين على القطع الأثرية، فهذا يؤجل عملية الاسترداد".


المعاهدات والإتفاقيات الدولية :


• معاهدة اليونسكو لمكافحة الأتجار الغير مشروع بالتحف الفنية 1970 انضمت إليها مصر في عام 1974 وتقوم الادارة بالاستعانة بهذه المعاهدة لاستعادة الآثار المنهوبة فقد نصت المعاهدة علي أن تلزم الدول االتي تقتني الآثار المهربة بإعادة الآثار المنهوبة بعد 1970

• ‏معاهدة لاهاي عام 1954: ووقعت مصر عليها، وتوكد على حماية الآثار في حالة النزاع المسلح.

• ‏بالإضافة إلي مجموعة الاتفاقات الثنائية مع بعض الدول لتسهيل عملية استرداد الآثار، فهناك اتفاقات مع دول مثل سويسرا، فرنسا، أسبانيا، إيطاليا، قبرص، اليونان، الأردن، لبنان،الصين، مذكرة تفاهم مع الولايات المتحدة.


تجارة التهريب :


كشف الأستاذ شعبان عبد الجواد، مدير ادارة الآثار المستردة، عن أن خروج الآثار من مصر، بعضها كان " يخرج بشكل قانوني وآخر غير قانوني، منوها إلى أنه في عام 1912 كان هناك ما يسمى بقانون القسمة، يسمح بتجارة الآثار؛ فكانت البعثات الأجنبية تقتسم الآثار مع الحكومة المصرية، وهذه الآثار هي الموجودة في متاحف العالم، وكثير منها يظهر في صالات المزادات، وزاد الأمرمع قانون عام 1951  حيث أباح هذا القانون تجارة الآثار، ولكن بشهادة من الحكومة المصرية، ومنه خرجت عمليات بيع الآثار، واستمر حتى عام 1983. ومع  صدور قانون الآثار رقم  117 لسنة 1983تم تجرّم تجارة الآثار، والتي كانت مشروعة حتى هذا العام ، أما الآن فالبعثات الأجنبية لا يمكنها الحصول على قطع أثرية وتكتفي فقط بعملية النشر العلمي.

وأضاف السفير محمد العرابي في هذا الشأن بأن الآثار المفقودة جزءا منها تهريب، والآخر قبل صدور قوانين ضابطة للتعامل مع الاكتشافات، وقليل منها كان  سبيل الهدايا من الدولة المصرية، إلي أن تم إلغائها في عهد الرئيس السابق حسني مبارك.  

من الناحية القانونية، أشار د. السيد إبراهيم، محامي القانون الدولي، بأن قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 المعدل لسنة 2010حدد الآلية المصرية لإستعادة الآثار المنهوبة تتجسدة في خطوات تتبعها وزارة الآثار، تبدأ بإخطار " الآثار"وزارة العدل المصرية " النيابة " بإن هناك آثار مهربة، من المفترض أن تدعم الوزارة ملكيتها لهذا الآثر بالمستندات، وبسند الملكية، وعندما يتم إخطار وزارة العدل، تقوم بمخاطبة وزارة الخارجية لتتواصل مع السفارات المصرية بالخارج، وبيتم عمل نشره بهذة الآثارحتي يتم إرسالها الي الأنتربول الدولي  والتي بناء عليها بيتم وقف عمليات البيع، والتحفظ علي تلك القطع .


حيل الاسترجاع :


أشار وزير الخارجية السابق السفير محمد العرابي ونائب البرلمان الحالي إلى أن عملية استرجاع قد تكون بوسائل قانونية طويلة الأجل، او بوسائل طوعية وجبرية للإستعاده. موضحا أن نجاح عملية الإسترجاع علي توافر المعلومات والحقائق المتعلقة بتوقيت،و كيفية خروجها بالإضافة الي محاولات التدخل السريع لوقف المزاد خاصة إذا كانت الآثار معروضه للبيع . وكانت من أبزر المحاولات الناجحة  استعاده تمثال نفرتيتي، و حجر رشيد، مهندس بناء الأهرامات.

وعن الحيل التي تمنع الدولة من استعادة آثارها، قال السيد إبراهيم، أن بعض الدول قد تتحجج لإبطال حق الدولة في المطالبة بآثارها المهربة من خلال وسيلتين، فقد تطلب سند ملكية، وهو ما قد يكون عائقا مع الآثار غير المسجلة، أو الاستناد إلى إتفاقية حقوق الملكية الفكرية "الويبو" أحد ملحقات إتفاقية التجارة العالمية، والتي لم يرد فيها أي حقوق بملكية الآثار، أو حماية الآثار وبالتالي تكون زريعة وحجة علي عدم وجود إتفاقية تحمي الآثار الآثار المهربة قبل عام 1983.

أما بشإن اتفاقية اليونيسكو أوضح السيد إبراهيم، ان الإتفاقية يقتصر دورها في استرجاع المقتنيات المنهوبة بعد 1970 أما قبل ذلك لا تسري عليها المعاهد، فذا البند يعد عائقا أمام عودة الآثار المصرية خاصة أن كانت غالبيىتها تم تهريبها قبل 1970.
انفوجراف :