المشرف العام على "البارون" في حوار لـ"دهاليز": عودة الحياة للقصر كلفتنا 100 مليون جنيه ‏


المبنى لم يتغير لونه الأصلي.. السور الأثري عاد لأصله.. وخطوة الترميم تأخرت نصف قرن

حوار- آلاء عبد الحميد وهدير علي:

قالت بسمة سليم، المشرف العام لقصر البارون، إن القصر ترك مهجورا لأكثر من عام، وأن ورثة البارون من أبنائه وأحفاده، سكنوا القصر حتى الخمسينيات، وفي عام ١٩٥٤ بيعت محتويات القصر في مزاد علني، ثم القصر ذاته لأسرتين، سعودية وسورية، موضحة أن الدولة لم تتقاعس أو تتهاون في بدء عمليات الترميم، وفي عام ٢٠٠٩ أجرت وزارة الإسكان دراسات بالتعاون مع الجانب البلجيكي والهندي قبل الشروع في الترميم، ثم توقفت بعد ذلك بسبب الثورة.
وأضافت في حوار لـ"دهاليز"، أنه لم يكن هناك تمويل لبدء ترميم القصر قبل عام 2015، وأن القصر تعرض لموجة عنيفة من الإهمال والتخريب طالت الأبواب والمحتويات والتماثيل، مؤكدة أن أخبار الترميم لم تمنع ما نسج حول القصر من أساطير وخرافات، وكلها غير صحيحة بالمرة، والأصوات التي كانت تُسمع في القصر طبيعية بسبب الحيوانات التي كانت تدخُله وتأكل بعض المنشآت.
وتابعت "بسمة" أن ترميم القصر 100 مليون جنيه، وأن القصر سوف يُقدم حي مصر الجديدة من بداية بناؤه منذ ١٢٠ سنة مستخدماً العديد من الوسائل الإيضاحية ، وسيعرض تجربة البارون إمبان، والعمق التاريخي لحي مصر الجديدة، وأسباب تسميتها، ليكون أول معرض لحي موجود بمصر.. وإلى نص الحوار:


-بدايةً لماذا تأخر ترميم القصر رغم أنه يُعاني الإهمال منذ فترات طويلة؟
هناك أحداث كثيرة ساهمت في إهمال القصر، وأعاقت عملية ترميمه، وهذا الإهمال حدث قبل استلام وزارة الآثار له، إذ كانت تسارع في كل فرصة لمحاولة إيجاد حل، خاصة أن ورثة البارون من أبناؤه وأحفاده، سكنوا القصر حتى الخمسينيات، وفي سنة ١٩٥٤ بيعت محتويات القصر في مزاد علني، ثم القصر ذاته لأسرتين، سعودية وسورية، ومنذ هذا الوقت ولأكثر من ٥٠ سنة تُرك القصر مهجوراً، وتعرض لشتى أنواع الإهمال والتخريب، وكان القصر وقتها ملكية خاصة وليس تابعاً لوزارة الآثار.
-ماذا عن تهاون المسؤولين في فتح ملف الترميم خاصة بعد تسجيل القصر عام ١٩٩٣ كآثر؟
لم يحدث تهاون على الاطلاق، ولم تتقاعس الدولة عن ملف الترميم، ولكن ظل البارون في حوذة الملاك، مما أعاق تنفيذ أي مشروع ترميمي له، لذلك وبعد الاحتفال بمئوية القصر في ٢٠٠٥، قامت وزارة الإسكان بتعويض الملاك بأرض في منطقة القاهرة الجديدة بدلاً من القصر، وشرعت وزارة الإسكان بخطوات جادة في تطويره، منها عمل سور للقصر، وتنظيفه، وتهذيب حديقته، وبعدها وفي عام ٢٠٠٧ أعطته وزارة الإسكان للمجلس الأعلى للآثار بوزارة الثقافة بعقد هبة، ونُفذت إجراءات وقائية منها معالجة السلم المؤدي للقصر الذي كان في مراحل انهيار، وإبادة ورش كامل للخفافيش الموجودة، فتم تقليل الضرر إلى حين البدء بترميمه، وفي ٢٠٠٩ قامت الوزارة بدراسات بالتعاون مع الجانب البلجيكي والهندي قبل الشروع بأي مشروع ترميمي له، ثم توقفت الوزارة بسبب الثورة.
-ما المانع الفعلى وراء تأخر بدء عملية الترميم الفعلي منذ عام 2009 حتى 2015 ؟
في الحقيقة لم يكن هناك تمويل لبدء ترميم القصر قبل عام 2015، لكن بدأت الدراسات مرة ثانية تمهيداً لترميمه، وفي ٢٠١٥ حينما توفر التمويل بدأت أعمال الرفع المساحي والهندسي والتوثيق الآثري والفوتوغرافي التي تسبق عملية الترميم، وأعلنت رئاسة الوزراء عن تخصيص مبالغ لعدد من الآثار منها قصر البارون، وبدأت أعمال الترميم من نصف ٢٠١٧ حتى نهاية ٢٠١٩.
-ما صور الإهمال التي تعرض لها سابقاً؟
هناك إهمال بشري تعرض له القصر نتيجة إنه كان مهجوراً، فلم يكن له أبواب تمنع الناس من دخوله، وسرقت محتويات القصر مثل بعض المقابض النحاسية والدفايات، وتم تكسير بعض التماثيل وآخري سُرقت أجزاء منها، فضلا عن تشويه جدران القصر بكتابات الزائرين، وكتابات لعبدة الشياطين الذين دخلوا القصر في عامي ١٩٩٧و١٩٩٨، وأقاموا بعض الطقوس والحفلات الخاصة بهم، كما امتلئ القصر بفضلات الطيور والحيوانات، فضلا عن تأكل إنشاءات القصر جراء الصدأ.
-برأيك لما كل هذا الجدل الذي آثاره لون القصر عند ترميمه؟
قصر البارون لم يكن لونه أبداً لون الصحراء أو لون المباني المحيطة كما تداول، الحقيقة اللون الذي اعترض عليه الناس هو اللون الحقيقي، والذي كان موجود في بعض الأماكن بالقصر التي لم تطالها كمية الأتربة والطين غير الطبيعية الموجودة عليه، وقد أخفت درجة اللون الحقيقي للبارون وجعلت لونه ترابي، لذلك بدأنا في البحث عن أكثر مكان في الواجهة محتفظ بلونه، تأكدنا من اللون من خلال الوثائق التاريخية التي تحدثت عن القصر.
-ما صحة هدم الوزارة للسور الخارجي الأثري المحيط بالقصر؟
هذا غير صحيح، فالمشروع الحالي لترميم قصر البارون تمت فيه مراعاة معايير الأصالة، بما في ذلك ما يتعلق بسور القصر، وقد سبق أن تم تشييد سور لحماية القصر في عام ٢٠٠٦، لكنه تعرض للتلف في أجزاء كبيرة منه، كما أنه لا يتواءم مع أصالة وعمارة قصر البارون الفريدة، لذلك تمت إزالته وإنشاء سور جديد، راعينا فيه تطابقه مع السور الأثري، وكذلك مع الرسومات الأصلية للمعماري الكسندر مارسيل الذي صمم القصر، وأخيراً والأهم تم مراعاة عدم حجب رؤية القصر لكل من يمر حوله.
-هناك من يعتقد أن الاساطير والخرافات التي تم نسجها حول قصر البارون منعت فتح ملف ترميمه؟
على الإطلاق لم يمنع الترميم الاعتقاد في هذه الخرافات، فهي غير حقيقية، وما يدور حول القصر من أساطير غير صحيح، وعندما قمنا بترميم القصر لم نجد صحة لخرافة وجود سرداب من القصر لكنيسة، حتي الأصوات التي كانت تُسمع في القصر طبيعية بسبب الحيوانات التي كانت تدخُله كما أوضحنا من قبل، وبسبب تأكل منشاءات القصر.
-هل ساهمت عملية ترميم القصر في دحض الخرافات التي كانت تدور حوله؟
ترميم القصر أمر كان لابد منه، وسابقاً، لم نكن نحاول تصحيح أي شائعة بخصوصه، وكان هناك الكثير من المقترحات وقت إعادة التوظيف لجعل القصر مزار لسياحة الأساطير أو بيت رعب، لذلك الشائعات والخرافات لم تكن مضرة بل علي العكس فهناك الكثيرون أرادوا دخول القصر بدافع الوصول لسر هذه الخرافات والآساطير.
-هناك من يظن بأن قصر البارون حتى بعد ترميمه لم يعد كسابق عهده فما ردك؟
الترميم وإعادة رونق القصر تتعدي تكلفته 100 مليون جنيه، ولا يمكن الجزم بنفي هذا الأمر ، فرغم أن أكثر ما يميز القصر طرازه الفريد والمختلف عن السائد في مصر، واستخدام الخرسانة المسلحة فيه، والقوالب الأسمنتية المصنوعة منها التماثيل، إضافة إلى تفرد القصر بلونه المميز، إلا أن ارتفاع القصر عن حي مصر الجديدة كله كان ميزة له في السابق، لذلك كان يمكن أن نرجع عدم مغيب الشمس عن القصر بسبب ذلك، لكن الآن وبسبب ارتفاع المباني لم تستمر هذه الميزة.
-كيف سيتم استغلال القصر بعد إعادة افتتاحه أمام الجمهور؟
القصر سوف يُقدم حي مصر الجديدة من بداية بنائه منذ ١٢٠ سنة مستخدماً العديد من الوسائل الإيضاحية مثل اللوحات، والصور القديمة، وطريقة الفيديو أو السينما، وسيعرض أيضاً تجربة البارون إمبان، والعمق التاريخي لحي مصر الجديدة، وأسباب تسميتها وغيرها، فالقصر سيكون أول معرض لحي موجود بمصر.




صورة أرشيفية لقصر البارون بعد ترميمه